




السمعة:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المفسر -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المفسر -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سورة التغابن:14-18].
يقول تعالى مخبراً عن الأزواج والأولاد أن منهم من هو عدو، بمعنى أنه يلتهي به عن العمل الصالح،
كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [سورة المنافقون:9] ،
ولهذا قال تعالى هاهنا: {فَاحْذَرُوهُمْ} قال ابن زيد: يعني على دينكم،
وقال مجاهد: {إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ} قال: يحمل الرجل على قطيعة الرحم أو معصية ربه فلا يستطيع الرجل مع حبه إلا أن يطيعه.
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وسأله رجل عن هذه الآية:
وقال مجاهد: {إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ} قال: يحمل الرجل على قطيعة الرحم أو معصية ربه فلا يستطيع الرجل مع حبه إلا أن يطيعه.
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وسأله رجل عن هذه الآية:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ}
قال: فهؤلاء رجال أسلموا من مكة فأرادوا أن يأتوا رسول الله ﷺ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم، فلما أتوا رسول الله ﷺ رأوا الناس قد فقهوا في الدين فهمّوا أن يعاقبوهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية:
{وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}
رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
فهذه السورة تدور حول موضوع واحد في الجملة، وهو المبادرة إلى طاعة الله، والتقرب إليه، ولما كان الأزواج والأولاد كثيراً ما يقعدونه عن هذا ويصرفونه عنه حذر من فتنتهم، وبيّن أن هؤلاء الذين يقعدونه أنهم عدو له، وهذه العداوة كما قال الحافظ ابن القيم -رحمه الله: عداوةٌ الجالب لها المحبة، ليست عدواة بسبب البغض، وإنما عداوة جلبتها المحبة، ذلك أن الإنسان حينما تسمو نفسه إلى معالي الأمور من طاعة الله أو العلم النافع، أو نحو ذلك من المطالب العالية فإن عدوه يقعده ويثبطه، ويتمنى أن لا يحصل له مطلوب، ويفرح إذا سمع بعائق قد عاقه، هذا عدوه المبغض له.
وكما قال الحكماء: إنك ما أغظت عدوك بشيء كما تغيظه بالعلم؛ لأنه من أعظم ما يرتفع به الإنسان وتكمل فيه نفسه وتسمو، ويرتفع مراتب عالية في الدار الآخرة، فالمقصود: أن عدوه المبغض يقعده ويثبطه ولا يألو جهداً في صرفه عن ذلك، ويفرح غاية الفرح إذا علم بانصرافه عنه.
وهذا المحب يعني الآخر الذي عداوته من جهة المحبة كذلك يصل معه إلى هذه النهاية، لكن بسبب المحبة، فإذا أراد أن يتعلم قال له: اقعد عندنا لا تخرج من عندنا، اجلس بيننا، وإذا أراد أن يجاهد تعلقوا بثوبه، وإذا أراد أن يذهب إلى حج قالوا: شاركنا في العيد لا تذهب وتتركنا، لا يصلح العيد من غير مشاركتك، فيجلس لا يحج ولا يعتمر ولا يجاهد ولا يطلب العلم، ولا يفعل شيئاً من معالي الأمور، يريد أن يذهب إلى بلد يجد فيها علماء يتعلم العلم منهم، أو يدرس في جامعة يتعلم منها علماً صحيحاً جيداً متيناً، فيقولون: كن بجوارنا ادرس هاهنا قريباً من أجل أن نراك وتجلس بيننا وما أشبه ذلك، فتكون -في النهاية والنظر البعيد- عاقبة هذا الإنسان أنه يكون صغيراً لم يخرج بكبير طائل لا من علم ولا من عمل، عدوه المبغض ماذا يفعل به أكثر من هذا؟
فهذه العداوة أيضاً التي جلبتها المحبة تفعل به نفس فعل العدو المبغض، وإن كانت المنطلقات شتى، هؤلاء أقعدوه عن معالي الأمور، وعدوه المبغض أيضاً أقعده عن معالي الأمور
فهذا هو المعنى، والله تعالى أعلم.
فهذه السورة تدور حول موضوع واحد في الجملة، وهو المبادرة إلى طاعة الله، والتقرب إليه، ولما كان الأزواج والأولاد كثيراً ما يقعدونه عن هذا ويصرفونه عنه حذر من فتنتهم، وبيّن أن هؤلاء الذين يقعدونه أنهم عدو له، وهذه العداوة كما قال الحافظ ابن القيم -رحمه الله: عداوةٌ الجالب لها المحبة، ليست عدواة بسبب البغض، وإنما عداوة جلبتها المحبة، ذلك أن الإنسان حينما تسمو نفسه إلى معالي الأمور من طاعة الله أو العلم النافع، أو نحو ذلك من المطالب العالية فإن عدوه يقعده ويثبطه، ويتمنى أن لا يحصل له مطلوب، ويفرح إذا سمع بعائق قد عاقه، هذا عدوه المبغض له.
وكما قال الحكماء: إنك ما أغظت عدوك بشيء كما تغيظه بالعلم؛ لأنه من أعظم ما يرتفع به الإنسان وتكمل فيه نفسه وتسمو، ويرتفع مراتب عالية في الدار الآخرة، فالمقصود: أن عدوه المبغض يقعده ويثبطه ولا يألو جهداً في صرفه عن ذلك، ويفرح غاية الفرح إذا علم بانصرافه عنه.
وهذا المحب يعني الآخر الذي عداوته من جهة المحبة كذلك يصل معه إلى هذه النهاية، لكن بسبب المحبة، فإذا أراد أن يتعلم قال له: اقعد عندنا لا تخرج من عندنا، اجلس بيننا، وإذا أراد أن يجاهد تعلقوا بثوبه، وإذا أراد أن يذهب إلى حج قالوا: شاركنا في العيد لا تذهب وتتركنا، لا يصلح العيد من غير مشاركتك، فيجلس لا يحج ولا يعتمر ولا يجاهد ولا يطلب العلم، ولا يفعل شيئاً من معالي الأمور، يريد أن يذهب إلى بلد يجد فيها علماء يتعلم العلم منهم، أو يدرس في جامعة يتعلم منها علماً صحيحاً جيداً متيناً، فيقولون: كن بجوارنا ادرس هاهنا قريباً من أجل أن نراك وتجلس بيننا وما أشبه ذلك، فتكون -في النهاية والنظر البعيد- عاقبة هذا الإنسان أنه يكون صغيراً لم يخرج بكبير طائل لا من علم ولا من عمل، عدوه المبغض ماذا يفعل به أكثر من هذا؟
فهذه العداوة أيضاً التي جلبتها المحبة تفعل به نفس فعل العدو المبغض، وإن كانت المنطلقات شتى، هؤلاء أقعدوه عن معالي الأمور، وعدوه المبغض أيضاً أقعده عن معالي الأمور
فهذا هو المعنى، والله تعالى أعلم.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: