مضى على الشبكة و يوم من العطاء.

[ هام ] ڤايروس الكذب


edge
linux

السمعة:

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


إن أمر فلاحنا وخروجنا من مرحلة التيه والظلمات التي نمر بها بيد الله عز وجل وأنه سبحانه قد ربط كفايته ونصرته لعباده بمدى إلتزامهم بمنهجه وفعلهم ما يرضيه. ومن الأمور الشائعة والمنتشرة في المجتمع المحلي والإسلامي هو الكذب وإنه لأمر هام جداً جداً وإن الموضوع ليطول في الشرح والحديث عنه ولكن سوف أشرح ما يمكن تلخيصه في المفيد.


يقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]، ويقول سبحانه: هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [المائدة:119].

فالواجب تحري الصدق والحذر من الكذب أينما كان إلا في الأوجه التي يجوز فيها الكذب، تقول أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها: لم يسمع النبي ﷺ يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل إمرأته والمرأة زوجها

إن الكذب معصية خطيرة ذكرها الله عز وجل كثيراً في قرآنه الكريم والكذب رأس كل خطيئه وبدايتها وهو من أقصر الطرق إلى النار. كما قال الرسول عليه الصلاه والسلام: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً.

والكذب هو الإخبار بشيء على خلاف ما هو عليه وهو مذموم عند كل العقلاء ولو لم يكن من مضاره إلا أنه يجعل صاحبه في ريبه لا يكاد يصدق شيئًا. فمن عُرف بالكذب فإنه لا يكاد يصدق في شيء أبداً وإن صدق بل إن سمع الناس بكذبه ربما خرجت من غيره فإنهم ينسبونها إليه. حسب الكذوب من البلية بعض ما يحكى عليه فمتى سمعت بكذبة من غيره نسبت إليه.
دواعي الكذب وأماراته:

للكذب دواعٍ تدعو إليه وأمارات تدل عليه ولا شك أن معرفة هذه الدواعي وتلك الأمارات يساعد في محاولة العلاج، لأن الخطوة الأولى في علاج أي مرض تنحصر في معرفة أسبابه وتحديد أعراضه للقضاء عليها والتخلص منه. من أهم الأسباب أو الدواعي:

1- اجتلاب النفع واستدفاع الضر فيرى الكذاب أن الكذب أسلم وأغنم، فيرخص لنفسه فيه اغتراراً بالخدع واستشفاافًا للطمع.

2- أن يؤثر أن يكون حديثه مستعذباً وكلامه مستظرفاً، فلا يجد صرفًا يعذب ولا حديثًا يستظرف فيستحلي الكذب الذي ليست غرائزه معوزة ولا طرائفه معجزة.

3- أن يقصد بالكذب التشفي من عدوه فيسمعه بقبائح يخترعها عليه ويصفه بفضائح ينسبها إليه.

4- أن تكون دواعي الكذب قد ترادفت عليه حتى الفها فصار الكذب له عاده ونفسه إليه مُنقاده.

5- حب التراس وذلك أن الكذاب يرى له فضلًا على المخبر بما عمله فهو يتشبه بالعالم الفاضل في ذلك.
أمارات الكذب:
1- إنك إذا القنته الحديث تلقن ولم يكن بين ما لقنته إياه وبين ما أورده فرق عنده, أي أن يخلط بين ما سمعه منك وما اخترعه من عنده.

2- إذا رددت عليه قوله حصر وارتبك ولم يكن عنده نصرة المحتجين ولا برهان الصادقين.

3- ما يظهر عليه من ريبه الكذابين ولذلك قال بعض الحكماء "الوجوه مرايا تريك أسرار البرايا" وإذا اتسم بالكذب نسبت إليه شوارد الكذب المجهولة أي ( الشائعات وما في حكمها)
أنواع الكذب:

🔹أولًا: الكذب في الأقوال

 وهو أن يخبر بخلاف الصدق وبخلاف الواقع وهذا أيضًا أشكال مُتعددة تتفاوت في الأثم بحسب كل شكل منها فأعظمها وأكبرها إثمًا الكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, لقوله تعالى "ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا "ومن ذلك التحليل والتحريم بحسب الأهواء لا بحسب الشرع المنزل من عند الله ولهذا عنَّف الله الكفار حين اتدعوا أن ما شرعوه من عند أنفسهم هو الشرع الذي أوحى به الله.

وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) [النحل:116]. وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (الشورى:21)

والنبي صلى الله عليه وسلم حذَّر من الكذب عليه، فقال: "مَنْ كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" صحيح الجامع الصغير:6519

ثم ياتي بعد ذلك الكذب على المؤمنين ومنه شهاده الزور التي عدها النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر وكم وجد في عصرنا هذا من باع دينه وضميره وشاهد شهاده زور فأضاع حقوق الناس أو رماهم بما ليس فيهم طمعا في دنيا أو رغبه في انتقام أو تشفٍ, ومنه الكذب في المزاح ليُضحك الناس، وقد جاء في الحديث: "وَيْلٌ لِلّذِي يُحَدّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ". [رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسَّنه]

لا يكون المؤمن كذابًا ولا يتصور في المؤمن أن يكون كذاباً. إذ لا يجتمع إيمان وكذب ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن كذاباً قال لا مع أنه صلى الله عليه وسلم قد قرر أنه قد يكون بخيلًا أو جبانًا لكن لا يكون كذابًا. فإن الكذب في الحديث من علامات النفاق إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان فهذه من صفات المنافق. والمنافق في الدرك الأسفل من النار.

والكذب ليس من شيم الأكابر بل هو من شيم الأصاغر الذين هانوا على أنفسهم فهان عليهم الكذب ولو كانوا كبارًا في أعين أنفسهم لنئوا بها عن الكذب وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "لأن يضعني الصدق -وقَلَّما يضع- أحبَّ إليَّ من أن يرفعني الكذب- وقلَّما يفعل-"


🔹ثانيًا: الكذب في الأفعال

قد يفعل الإنسان فعلًا يوهم به حدوث شيء لم يحدث أو يعبر به عن وجود شيء غير موجود. وربما يكون الكذب في الأفعال أشد خطرًا أو أقوى تأثيرًا من الكذب في الأقوال. ومن أمثل ذلك ما قاله الله لنا من أقوال وأفعال إخوة يوسف عليه السلام إذ جاءوا أباهم عشاء يبكون بكاء كاذبًا فجمعوا بين كذب القول وكذب الفعل.

🔹ثالثًا: الكذب في النيات

وهو أن يقصد بنيته غير وجه الله تعالى ويدل عليه حديث الثلاثة الذي تسعر بهم النار الشهيد والمنفق والعالم حين يدعي كل منهم أنه فعل ذلك لوجه الله. فيقال لكل منهم كذبت ولكن قاتلت ليقال جريء فقد قيل وللآخر كذبت ولكن تصدقت ليقال جواد وللثاث كذبت ولكن تعلمت ليقال عالم.

فيجب علينا الحذر والحذر من أنفسنا أولًا ومن الشيطان ثانيًا, لأن النفس تكذب كثيرًا على صاحبها وإنما يأتي الشيطان بعدما تكذب النفس على صاحبها فيزين له هذه الكذبة فيختارها ولا يختار مرادفها وهو الصدق.

فالصدق في إدعاءاتنا بأننا نحب الله أكثر مما نحب أنفسنا وراحتنا وأكثر مما نحب أهلنا وأموالنا وتجارتنا. وهذا يعني أنه سيكون هناك اختبارات لتمحيص وكشف حقيقة ما نردده من شعارات وندعيه من مبادئ ولا مناص من اجتياز هذه الاختبارات لننال العفو والرضا منه سبحانه. فمن السنن الإلهية محق الكافرين ولكن لابد وأن يسبقه تمحيص للمؤمنين لقوله تعالى: "وليمحص الله الذين امنوا ويمحق الكافرين" معنى ذلك أنه ينبغي أنفسنا لمثل هذا التمحيص حتى لا نتفاجأ به.

فإن نصيحتي لكم بأن تجلسوا كل يوم مع أنفسكم وأن تستعرضوا ماذا قلتم من بداية اليوم إلى نهايته وتحاسب نفسك على كل حرف كذبت به على نفسك وافتريت به على الآخرين لغرض دنيوي زائل ليس له معنى ليس له قيمة إلا سيئات وعذاب. فاحذر يا مسلم من كل حرف تتكلم به فإن يوم القيامه سوف ترى كتابك لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. ونسال الله عز وجل أن يهدينا إلى صراطه المستقيم ويثبتنا على الإيمان ويغفر لنا خطايانا ويتقبل توبتنا.


الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
فإن أخطات فمن نفسي ومن الشيطان وإن أصبت فمن الله وعلمه وفضله.


ولا تنسوا الدعاء لإخواننا المجاهدين المرابطين في غزة وفلسطين والسودان وأن يسدد خطى إخواننا في سوريا الحرة وكل المسلمين المستضعفين في الأرض. ونسال الله الهداية والصلاح والإخلاص والثبات على الصراط المستقيم.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

آخر المشاركات

عودة
أعلى