




السمعة:
- إنضم3 يوليو 2024
- المشاركات 132
- مستوى التفاعل 317
- النقاط 63
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي نجيح العرباض بن سارِيَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قالَ : وعَظَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةٌ وجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كأنها مَوْعِظَةٌ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنا ؛ قَالَ:
أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ والسمع والطاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ : فَإِنَّهُ مَنْ يَعِ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنتي وسُنَّةِ الخلفاء الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ عَضُوا عَلَيْهَا بِالنَّواجِد ؛ وإيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنْ كُلِّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.
رواه أبو داود والترمذي وقال : حَدِيثُ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وفي بعض طرق هذا الحديث : إن هذه وعظة مودّع ، فماذا تعهد إلينا ؟ قال( لقد تركتكم على البيضاء ، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا مالك) قوله : موعظة بليغة : يعنى بلغت إلينا وأثرت في قلوبنا ، ووجلت منها القلوب : أي خافت ، وذرفت منها العيون : كأنه قام مقام تخويف ووعيد ؛ وقوله (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة) يعنى لولاة الأمور (وإن تأمّر عليكم عبد) وفى بعض الروايات (عبد حبشي) .
قال بعض العلماء : العبد لا يكون واليًا . ولكن ضُرب به المثل على التقدير ، وإن لم يكن ، كقوله صلى الله عليه وسلم ( من بنى الله مسجداً كمفحص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة) ومفحص قطاة لا يكون مسجدًا، ولكن الأمثال يأتي فيها مثل ذلك .
ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير أهله ، حتى توضع الولاية فى العبيد ، فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا تغليبا لأهون الضررين وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته ، لئلا يفضي إلى فتنة عظيمة .
وقوله (وإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيراً) هذا من بعض معجزاته صلى الله عليه وسلم : أخبر أصحابه بما يكون بعده من الاختلاف وغلبة المنكر ، وقد كان عالمًا به على التفصيل ، ولم يكن بيّنه لكل أحد ، إنما حذر منه على العموم .
وقد بين ذلك لبعض الآحاد كحذيفة وأبي هريرة ، وهو دليل على عظم محلهما ومنزلتهما .
وقوله ( فعليكم بسنتي ) السنة الطريقة القويمة التي تجري على السنن، وهو السبيل الواضح (وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) يعنى الذين شملهم الهدى، وهم الأربعة بالإجماع : أبو بكر . وعمر . وعثمان . وعليّ رضيَ الله عنهم أجمعين ، وأمر صلى الله عليه وسلم بالثّبات على سنة الخلفاء الراشدين لأمرين، أحدهما : التقليد لمن عجز عن النظر ، والثاني : الترجيح لما ذهبوا إليه عند اختلاف الصحابة .
وقوله (وإياكم ومحدثات الأمور) اعلم أن المحدث على قسمين : محدث ليس له أصل فى الشريعة ، فهذا باطل مذموم . ومحدث يحمل النظير على النظير ، فهذا ليس بمذموم ، لأن لفظ "المحدث"، ولفظ "البدعة" ، لا يذمان لمجرّد الاسم بل لمعنى المخالفة للسنة والداعي إلى الضلالة ، ولا يُذم ذلك مطلقًا ، فقد قال الله تعالى:
﴿ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَٰنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾
وقال عمر رضي الله عنه : نعمت البدعة هذه ، يعنى التراويح . وأما (النواجد) فهي آخر الأضراس ، والله أعلم .
الحمد لله رب العالمين