






السمعة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإسراء والمعراج هو أحد أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي، هذا الحدث العظيم يجمع بين رحلتين مميزتين قام بهما النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الأولى هي الإسراء من مكة إلى المسجد الأقصى في القدس، والثانية هي المعراج من المسجد الأقصى المبارك إلى السماوات العلى.
ذكر الله تعالى هذا الحدث في القرآن الكريم في سورة الإسراء: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" (الإسراء: 1).
هذا الحدث يعكس أهمية المسجد الأقصى والقدس في ضمير الأمة ووجدانها. فلسطين هي أرض مباركة ومقدسة شأنها شأن المسجد الحرام والمسجد النبوي، وقد ارتبطت بالعديد من الأحداث التاريخية والدينية لجميع الشرائع. القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهي المكان الذي صلى فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم بجميع الأنبياء والمرسلين خلال ليلة الإسراء والمعراج، مما يعكس مكانتها العظيمة لدينا.
قد روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتيت بالبراق (وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه) فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط به الأنبياء. ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن. فقال جبريل اخترت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء...".
من خلال هذا الحدث العظيم، يمكننا الاستدلال على فضائل عديدة لفلسطين والقدس؛ وهذا ردا على الذباب وأشباه الرجال والجهال الذين يقولون أن أرض فلسطين ليست مقدسة أو ذات أهمية للمسلمين.
أولًا، ارتبط المسجد الأقصى بالأنبياء جميعهم، وهذا يمنحه قدسية فريدة، كون القدس هي مكان تجمع الأنبياء مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
ثانيا، ذكر الله تعالى في القرآن الكريم مباركة الأرض المحيطة بالمسجد الأقصى بفلسطين، وخاصة القدس، هي أرض مباركة ذكرها الله في القرآن وتحدث عنها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث. لذلك، فإن الحفاظ على هذه الأرض والدفاع عنها لا يقل أهمية أبدا عن الدفاع عن أرض الحرمين.
فلك أن تتخيل أخي المسلم بينما الأمة الإسلامية الآن مفتونة في دينها وأغلب من فيها غائب عن الوعي الديني والمنطقي والعلمي والسياسي، مازال أبناؤها يتجادلون حول أهمية هذا المكان إن كان مقدسا أم لا؛ في هذه الأثناء تحديدا تحاك المؤامرات وتجيش الجيوش وتعد العدة من أجل الاحتلال الكامل للأراضي المقدسة، إن الغفلة التي نعيشها اليوم هي نتاج تراكمات لعقود طويلة، استهدف خلالها المحتل الغربي الصليبي دين المسلم ووعيه ومجتمعه، فبدأ بتحطيم ثوابته الدينية ودعم كل ما يضاد هذه الثوابت من قومية وعرقية وقبلية وعنصرية، ففرق بين المسلمين وشتت شملهم، وبدلا من أن يتكاتف المسلمون ويحاربوا هذا الغزو وهذا المخطط الشيطاني، استسلمنا له وركنا إلى حدودنا، ونجح المحتل في زرع ثقافة القومية، وحول قضية الأراضي المقدسة إلى قضية عربية أولا حكرا على القوميين العرب، وبهذا خسرت القضية قطاعا كبيرا من المسلمين، نظرا لحصر القضية في العرب فقط، وما لبث المحتل حتى أعاد إيقاظ القوميات المتعصبة حيث قد كانت نائمة لقرون، فاستيقظت القومية التركية بداية في عهد الدولة العثمانية على يد العلمانيين الأتراك مما تسبب في انتشار العنصرية والاضطهاد لباقي الأعراق والأجناس، وما لبث المحتل حتى دعم القوميين العرب في جزيرة العرب ليطعنو الخلافة العثمانية الإسلامية في الظهر، فانهارت بذلك أكبر إمبراطورية إسلامية في التاريخ، بعد أن كانت الخلافة العثمانية تقاتل على أكثر من 4 جبهات في آن واحد، حتى قام القوميين العرب بطعن الخلافة وتسببو بسقوطها ولنا في التاريخ نظرات كثيرة وأبسطها من يبحث ويقرأ عن لورنس العرب.
لم يهدأ الغربي المحتل ولم يستكن حتى دعم القومية العربية ضد ما يسمونه بالاحتلال التركي حتى تفككت الدولة وتمسك كل إقليم بحدود مصطنعة، وتركنا الغربي نلتف حول هذه الراية(العروبة) وقاتلنا كثيرا تحت هذه الراية في أيام الملك فاروق وعبدالناصر والسادات، فماذا نتج عن الاجتماع تحت راية واحدة رضي بها الغربي المحتل ؟؟ (العروبة)
انهزمنا شر هزيمة في اليمن والقدس(النكبة) وحرب 67 والشمال الأفريقي وتفرقنا أيما تفرق على الرغم من اجتماعنا تحت راية واحدة وما أهلكها وأبغضها من راية.
وما زال الغربي المحتل يدعم الجماعات العنصرية والقبلية والعرقية التي تطعن وتنخر في أجساد الدول، فدعم المحتل العقلية القومية في تركيا وما يزال يغذي القومية العربية في الجزيرة العربية، وما لبثنا حتى ظهرت قوميات متعصبة أخرى كالقومية الأمازيغية والكيميتية(المصرية الفرعونية) الوسودانية والكردية و و و و
لم نعلم ولم ندري أن كل هذا سيؤدي إلى تحويل قضية المسلمين في الأراضي المقدسة إلى قضية خاصة بالفلسطينيين فقط، حكرا عليهم، هم من يجب أن يحلوها بأنفسهم، لا دخل لنا بهم ولا مسؤولية يجب أن نحملها تخصهم.
فالويل لنا، سنسأل أمام الله يوم القيامة ماذا قدمنا وماذا عملنا لهم ؟
إن ذكرى حدث الإسراء والمعراج أيها الأحباب لا تذكرنا فقط بهذه المعجزة التاريخية العظيمة التي احتوت على مجموعة كبيرة من المعجزات والتي قد نتحدث عنها لاحقا، بل إن هذه الذكرى تذكرنا بقضيتنا، فذكرى اليوم ليست كذكرى الأمس، ذكرى اليوم ليست كذكرى ما قبل الطوفان، بل هي أول ذكرى بعد أن استنشقنا أول تهاليل شفاء الصدور، أول ترانيم الحرية والكرامة والشرف، أول ملامح العزة التي فقدناها لعقود طويلة.
لتكن هذه الذكرى نقلة لنا وتشجيعا لنا لما هو قادم.
وختامًا ، هذا الموضوع لم يكن مركزا حقا على رحلة الإسراء والمعراج ولكن أحببت أن أربطها بأحداث اليوم، فلنا مع الإسراء والمعراج حديث آخر طويل نتحدث فيه عن تفاصيله وإعجازاته الكثيرة وفوائدة الجمة التي لا يعلمها الكثير.
غفر الله لنا تقصيرنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا ونصرنا وإخواننا على القوم الكافرين.
دمتم مسلمين، دمتم مجاهدين في سبيل الله ..
التعديل الأخير بواسطة المشرف: