




السمعة:
- إنضم3 يوليو 2024
- المشاركات 132
- مستوى التفاعل 317
- النقاط 63
بسم الله الرحمن الرحيم
عن أبي عبد الرحمنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ : : إِنْ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمَا نُطْفَةً ، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةٌ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مضغةٌ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ويُؤْمَرُ بِأَرْبَعَ كَلِمَاتٍ : بكتب رِزْقِهِ ، وأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ ،
وشقى أوْ سَعِيدٌ : فَوَاللهِ الَّذِي لا إلَهَ غَيْرُهُ إِن أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَل أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا ، وَإِنْ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم .
قوله ( وهو الصادق المصدوق ):
أي الصادق في قوله المصدوق فيما يأتيه من الوحى الكريم .
قال بعض العلماء : معنى قوله ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه ):
أن المني يقع في الرحم متفرقًا فيجمعه الله تعالى في محل الولادة من الرحم في هذه المدة .
وقد جاء عن ابن مسعود في تفسير ذلك : إن النطفة إذا وقعت في
الرحم فأراد الله تعالى أن يخلق منها بشرًا طارت في بشر المرأة تحت كل
ظفر وشعر ثم تمكث أربعين ليلة ثم تصير دما في الرحم : فذلك جمعها.
وهو وقت كونها علقة .
قوله (ثم يرسل إليها الملك):
يعنى الملك الموكل بالرحم .
قوله ( وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ... الخ )
ظاهر الحديث: أن هذا العامل كان عمله صحيحاً ، وأنه قرب من الجنة بسبب عمله ، حتى
بقى له على دخولها ذراع ، وإنما منعه من ذلك سابق القدر الذي يظهر
عند الخاتمة . فإذا الاعمال بالسوابق ، لكن لما كانت السابقة مستورة
عنا والخاتمة ظاهرة جاء في الحديث (إنما الأعمال بالخواتيم) يعنى عندنا
بالنسبة إلى إطلاعنا في معنى الأشخاص وفى بعض الأحوال،
وأما الحديث الذي ذكره مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار)
فإنه لم يكن عمله صحيحاً في نفسه، وإنما كان رياءً و سمعة،
فيستفاد من ذلك الحديث ترك الالتفات إلى الأعمال والركون إليها ، والتعويل على كرم الله تعالى ورحمته.
وقوله قبل ذلك ( ويؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله ):
هو بالباء الموحدة في أوله على البدل من ( أربع كلمات ) وقوله ( شقى أو سعيد ) مرفوع ؛ لأنه خبر مبتدا محذوف ، تقديره : وهو شقي أو سعيد .
وقوله صلى الله عليه وسلم ( فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ... إلى قوله (فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها المراد) :
أن هذا قد يقع فى نادر من الناس لا أنه غالب فيهم . وذلك من لطف الله
سبحانه وسعة رحمته. فإن انقلاب الناس من الشر إلى الخير كثير ؛ وأما
انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندور ، والله الحمد والمنة على ذلك،
وهو تجوّز ، وقوله ( إن رحمتى سبقت غضي) وفي رواية (تغلب غضبي)
وفي هذا الحديث إثبات القدر ، كما هو مذهب أهل السنة ، وأن جميع
الواقعات بقضاء الله تعالى وقدره خيرها وشرها نفعها وضرها . قال الله
تعالى ﴿ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾
ولا اعتراض عليه في ملكه .
يفعل فى ملكه ما يشاء . قال الإمام السمعانى : سبيل معرفة هذا الباب :
التوفيق من الكتاب والسنة دون محض القياس ومجرد العقول، فمن عدل عن
التوفيق منه ضَل وتاه فى مجال الحيرة ، ولم يبلغ شفاء النفس ولا يصل
إلى ما يطمئن به القلب ؛ لأن القدر من من أسرار الله تعالى ضربت دونه
الأستار واختص سبحانه به وحجبه عن عقول الخلق ومعارفهم لما عليه
من الحكمة ، وواجب علينا أن نقف حيث حد لنا فلا تتجاوزه ، وقد
حجب الله تعالى علم القدر عن العالم ، فلا يعلمه ملك ولا نبي مرسل ،
وقيل : إن سر القدر ينكشف لهم إذا دخلوا الجنة ، ولا ينكشف قبل
ذلك . وقد ثبتت الأحاديث بالنهي عن ترك العمل اتكالا على ماسبق
من القدر ، بل تجب الأعمال والتكاليف التي ورد بها الشرع ، وكل ميسر
لما خلق له لا يقدر على غيره ، فمن كان من أهل السعادة يسره الله لعمل
أهل السعادة ، ومن كان من أهل الشقاوة
يسره الله لعمل أهل الشقاوة كما في الحديث . وقال الله تعالى :﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ﴾
﴿فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾
قال العلماء : وكتاب الله تعالى ولوحه وقلمه : كل ذلك مما يجب
الإيمان به ، وأما كيفية ذلك وصفته فعلمه إلى الله تعالى ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾
والله أعلم .
الحمدلله رب العالمين