




السمعة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اما بعد
اعتذر عن الغياب والتأخر في النشر فإن الظروف تسبب تعطيل في الوصول بسرعة ولكن لا تمنع الوصول..
نبدأ في هذا الجزء ب
الأثر المُكتسب من القراءة وعلاقتها في الوصول إلى أهداف الحياة العملية: رحلة بين العقل والدين والقلب
---
القراءة كجسر بين الوجود والغاية
القراءة ليست مجرد عملية فك رموز الحروف، بل هي فعل وجودي يُعيد تشكيل وعي الإنسان وعلاقته بالعالم. من منظور فلسفي، يمكن اعتبار القراءة تجسيداً لفكرة "التأمل" التي تحدث عنها أرسطو، حيث تُحرر العقل من قيود الجهل، وتُطلق القلب من سجن العاطفة العشوائية، وتُرسي للروح أساساً أخلاقياً. ولكن كيف تتحول هذه العملية التأملية إلى أداة عملية لتحقيق الأهداف؟ وكيف تتفاعل مع أبعاد العقل والدين والقلب؟ دعونا نغوص في هذه الأسئلة عبر أمثلة واقعية.
---
العقل: القراءة كفعل تحريري وتأسيس للاستراتيجيات
من وجهة نظر عقلانية، تُعتبر القراءة أداة لبناء "المنهج" الذي تحدث عنه ديكارت في كتابة "مقال عن المنهج"، حيث تُسهم في تنظيم الفكر وتطوير القدرة على التحليل والنقد. القراءة تمنح العقل خريطة معرفية تُساعده على استشراف العقبات وتخطيط الحلول.
مثال واقعي: تخيل شاباً يطمح لإنشاء شركة ناشئة. قراءته لكتب مثل "Lean Startup" لإريك ريس علمته كيفية تحويل الفكرة إلى نموذج عملي عبر اختبار الفرضيات وتعديلها بناءً على الملاحظات. هنا، القراءة لم تكن نقل معلومات، بل بناء عقلية منهجية قادرة على تحويل الحلم إلى خطة ملموسة.
السؤال الفلسفي: هل يمكن للعقل أن يبتكر استراتيجيات ناجحة دون أن يتغذى بمعارف الآخرين؟ التاريخ يُجيب بأن الإبداع الحقيقي يبدأ غالباً من "الوقوف على أكتاف العمالقة"، كما قال نيوتن.
---
الدين: القراءة كوصلة بين الإرادة الإلهية والإرادة الإنسانية
القراءة ليست مجرد فعل دنيوي، بل هي عبادة تُقرّب الإنسان من الحكمة الإلهية. القرآن الكريم بدأ بـ "اقرأ" (سورة العلق: ١)، مُعلناً أن المعرفة هي أول خطوات الخلق والإيمان. وعندما تقرأ القرآن الكريم ستجد المعرفة بجميع اشكالها و لن تنتهي لانها لا حدود لها.... افتح المصحف الشريف مشان الله
مثال واقعي; طبيب مسلم يقرأ في كتاب "الطب النبوي لابن القيم" ، لا يكتسب معرفة طبية فحسب، بل يُدرك أن هدفه المهني هو جزء من عبادة إصلاح الجسد كما يُصلح الروح. هذا التكامل بين المعرفة والدين يمنح عمله معنى يتجاوز الربح المادي، فيتحول إلى رسالة.
السؤال الديني: هل يمكن لفهم "الغاية من الحياة" أن يتحقق دون مرجعية معرفية تُضيء الطريق؟ الدين يُجيب بأن القراءة الواعية هي نور يهدي إلى التوازن بين الدنيا والآخرة.
---
القلب: القراءة كفنٍّ لإيقاظ المشاعر وتوجيهها
القلب في الفلسفة الصوفية والأدب هو مركز الأسرار والأشواق. القراءة هنا ليست تلقيناً، بل حواراً مع الذات والآخر. كما قال جبران خليل جبران: "الكتاب هو الإنسان وقد حوّله الحبر إلى روح". عندما نقرأ رواية مثل "البؤساء" لفيكتور هوغو، لا نتعاطف مع جان فالجان فحسب، بل نكتشف أن العدالة الاجتماعية قد تكون هدفاً نبيلاً يستحق السعي.
مثال واقعي: فتاة تقرأ كتاب "الخيميائي لباولو كويلو، فتتأثر بفكرة "الأسطورة الشخصية"، فتقرر ترك وظيفتها الروتينية وتأسيس منظمة لدعم التعليم في القرى النائية. هنا، القراءة حرّكت مشاعرها العميقة وحوّلتها إلى وقود لهدف إنساني.
السؤال الوجداني: هل يمكن للعقل أن يحدد الأهداف دون مشاركة القلب؟ التاريخ الأدبي يُثبت أن أعظم الإنجازات وُلدت من شغفٍ أشعلته كلمات.
---
التكامل بين الأبعاد الثلاثة: حالة "مالالا يوسفزي"
لنأخذ مثالاً واقعياً يجسّد التفاعل بين العقل والدين والقلب: "مالالا يوسفزي".
- لعقل: قراءة مالالا لكتب عن حقوق الإنسان وعلم الاجتماع منحتها أدوات لفهم نظام القمع في مجتمعها.
- الدين: إيمانها بأن التعليم "جهادٌ بالكلمة" (كما تراه في الإسلام) أعطى نضالها شرعية روحية.
- القلب: قصص الفتيات المحرومات ألهبت عاطفتها، فحوّلت الألم إلى هدف: التعليم للجميع.
هنا، القراءة لم تكن مجرد وسيلة، بل كانت جسراً بين المعرفة العقائدية والعمل الثوري.
---
القراءة كفعل وجودي متكامل
القراءة، بهذا المعنى، هي رحلة تُعيد تشكيل الإنسان عبر ثلاث محطات:
العقل: يبني الاستراتيجيات.
الدين: يمنح الغاية.
القلب: يوفّر الطاقة العاطفية.
وهكذا، تصبح القراءة خريطة ثلاثية الأبعاد تُرشدنا إلى أهدافنا، ليس كغايات منفصلة، بل كتعبير عن اكتمال الذات في توازنها العقلي والروحي والوجداني. وكما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وارضاه : "اغدُ عالماً أو متعلماً، ولا تكن الثالث فتهلك". فالقراءة، في النهاية، هي اختيار أن لا تكون "الثالث".
و بالختام الحمد لله الذي أعاننا وهدانا والحمد لله الذي علمني ما لم أكن أعلم وأعانني على أن أحاول إفادة إخوتي من المسلمين به من كل البلدان العربية اشهد ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فان اخطات فمن نفسي ومن الشيطان وان اصبت فمن الله وعلمه وفضله.
في المقال التالي سيكون الجزء الرابع والأخير إن شاء الله. والله ولي التوفيق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اما بعد
اعتذر عن الغياب والتأخر في النشر فإن الظروف تسبب تعطيل في الوصول بسرعة ولكن لا تمنع الوصول..
نبدأ في هذا الجزء ب
الأثر المُكتسب من القراءة وعلاقتها في الوصول إلى أهداف الحياة العملية: رحلة بين العقل والدين والقلب
---
القراءة كجسر بين الوجود والغاية
القراءة ليست مجرد عملية فك رموز الحروف، بل هي فعل وجودي يُعيد تشكيل وعي الإنسان وعلاقته بالعالم. من منظور فلسفي، يمكن اعتبار القراءة تجسيداً لفكرة "التأمل" التي تحدث عنها أرسطو، حيث تُحرر العقل من قيود الجهل، وتُطلق القلب من سجن العاطفة العشوائية، وتُرسي للروح أساساً أخلاقياً. ولكن كيف تتحول هذه العملية التأملية إلى أداة عملية لتحقيق الأهداف؟ وكيف تتفاعل مع أبعاد العقل والدين والقلب؟ دعونا نغوص في هذه الأسئلة عبر أمثلة واقعية.
---
العقل: القراءة كفعل تحريري وتأسيس للاستراتيجيات
من وجهة نظر عقلانية، تُعتبر القراءة أداة لبناء "المنهج" الذي تحدث عنه ديكارت في كتابة "مقال عن المنهج"، حيث تُسهم في تنظيم الفكر وتطوير القدرة على التحليل والنقد. القراءة تمنح العقل خريطة معرفية تُساعده على استشراف العقبات وتخطيط الحلول.
مثال واقعي: تخيل شاباً يطمح لإنشاء شركة ناشئة. قراءته لكتب مثل "Lean Startup" لإريك ريس علمته كيفية تحويل الفكرة إلى نموذج عملي عبر اختبار الفرضيات وتعديلها بناءً على الملاحظات. هنا، القراءة لم تكن نقل معلومات، بل بناء عقلية منهجية قادرة على تحويل الحلم إلى خطة ملموسة.
السؤال الفلسفي: هل يمكن للعقل أن يبتكر استراتيجيات ناجحة دون أن يتغذى بمعارف الآخرين؟ التاريخ يُجيب بأن الإبداع الحقيقي يبدأ غالباً من "الوقوف على أكتاف العمالقة"، كما قال نيوتن.
---
الدين: القراءة كوصلة بين الإرادة الإلهية والإرادة الإنسانية
القراءة ليست مجرد فعل دنيوي، بل هي عبادة تُقرّب الإنسان من الحكمة الإلهية. القرآن الكريم بدأ بـ "اقرأ" (سورة العلق: ١)، مُعلناً أن المعرفة هي أول خطوات الخلق والإيمان. وعندما تقرأ القرآن الكريم ستجد المعرفة بجميع اشكالها و لن تنتهي لانها لا حدود لها.... افتح المصحف الشريف مشان الله
مثال واقعي; طبيب مسلم يقرأ في كتاب "الطب النبوي لابن القيم" ، لا يكتسب معرفة طبية فحسب، بل يُدرك أن هدفه المهني هو جزء من عبادة إصلاح الجسد كما يُصلح الروح. هذا التكامل بين المعرفة والدين يمنح عمله معنى يتجاوز الربح المادي، فيتحول إلى رسالة.
السؤال الديني: هل يمكن لفهم "الغاية من الحياة" أن يتحقق دون مرجعية معرفية تُضيء الطريق؟ الدين يُجيب بأن القراءة الواعية هي نور يهدي إلى التوازن بين الدنيا والآخرة.
---
القلب: القراءة كفنٍّ لإيقاظ المشاعر وتوجيهها
القلب في الفلسفة الصوفية والأدب هو مركز الأسرار والأشواق. القراءة هنا ليست تلقيناً، بل حواراً مع الذات والآخر. كما قال جبران خليل جبران: "الكتاب هو الإنسان وقد حوّله الحبر إلى روح". عندما نقرأ رواية مثل "البؤساء" لفيكتور هوغو، لا نتعاطف مع جان فالجان فحسب، بل نكتشف أن العدالة الاجتماعية قد تكون هدفاً نبيلاً يستحق السعي.
مثال واقعي: فتاة تقرأ كتاب "الخيميائي لباولو كويلو، فتتأثر بفكرة "الأسطورة الشخصية"، فتقرر ترك وظيفتها الروتينية وتأسيس منظمة لدعم التعليم في القرى النائية. هنا، القراءة حرّكت مشاعرها العميقة وحوّلتها إلى وقود لهدف إنساني.
السؤال الوجداني: هل يمكن للعقل أن يحدد الأهداف دون مشاركة القلب؟ التاريخ الأدبي يُثبت أن أعظم الإنجازات وُلدت من شغفٍ أشعلته كلمات.
---
التكامل بين الأبعاد الثلاثة: حالة "مالالا يوسفزي"
لنأخذ مثالاً واقعياً يجسّد التفاعل بين العقل والدين والقلب: "مالالا يوسفزي".
- لعقل: قراءة مالالا لكتب عن حقوق الإنسان وعلم الاجتماع منحتها أدوات لفهم نظام القمع في مجتمعها.
- الدين: إيمانها بأن التعليم "جهادٌ بالكلمة" (كما تراه في الإسلام) أعطى نضالها شرعية روحية.
- القلب: قصص الفتيات المحرومات ألهبت عاطفتها، فحوّلت الألم إلى هدف: التعليم للجميع.
هنا، القراءة لم تكن مجرد وسيلة، بل كانت جسراً بين المعرفة العقائدية والعمل الثوري.
---
القراءة كفعل وجودي متكامل
القراءة، بهذا المعنى، هي رحلة تُعيد تشكيل الإنسان عبر ثلاث محطات:
العقل: يبني الاستراتيجيات.
الدين: يمنح الغاية.
القلب: يوفّر الطاقة العاطفية.
وهكذا، تصبح القراءة خريطة ثلاثية الأبعاد تُرشدنا إلى أهدافنا، ليس كغايات منفصلة، بل كتعبير عن اكتمال الذات في توازنها العقلي والروحي والوجداني. وكما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وارضاه : "اغدُ عالماً أو متعلماً، ولا تكن الثالث فتهلك". فالقراءة، في النهاية، هي اختيار أن لا تكون "الثالث".
و بالختام الحمد لله الذي أعاننا وهدانا والحمد لله الذي علمني ما لم أكن أعلم وأعانني على أن أحاول إفادة إخوتي من المسلمين به من كل البلدان العربية اشهد ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين فان اخطات فمن نفسي ومن الشيطان وان اصبت فمن الله وعلمه وفضله.
في المقال التالي سيكون الجزء الرابع والأخير إن شاء الله. والله ولي التوفيق
التعديل الأخير بواسطة المشرف: