




السمعة:
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله وصلِّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
لأهمية الموضوع و تفاصيله ومناهجه الكثيرة لا يمكن أن يكون في موضوع واحد ولهذا السبب بمشيئة الله تعالى سنتطرق إلى عمل سلسلة من المواضيع لكي نعطي حق كل موضوع على أكمل صفة و إن شاء الله سنبدأ تدريجيًا بمفهوم القراءة.
إن الموضوع الذي ستقرأه هو بمثابة توضيح وتعريف وخطة للبداية في أول خطوة للقراءة وعلاقتها بالأمر الإلهي وبمعرفة أين الطريق للخروج من الظلمات إلى النور، ومن التثبيط والعجز والكسل والحواجز والأعذار التي تمنعك عن إعادة التوازن لحياتك؛ ومن ثم سنفهم كيفية تطبيق القراءة في الحياة الواقعية وأيضًا أسباب عدم القراءة والمؤثرات التي أدت إلى ذلك وسنتسلسل في الأثر المكتسب من القراءة وعلاقة القراءة في الوصول إلى أهداف الحياة العملية وسنناقش منغّصات المجتمع التي تبقيك عاجزًا في بحر الظلمات والجهد و ازدياد الأفكار السلبية ومدى تأثيرها عليك وعلى عائلتك وعلى عملك أيضًا وبالختام سنتطرق إلى علاقة القراءة بكسب المال والشهرة وإشباع الرغبات النفسية والعقلية.
مفهوم القراءة:
كلمة "اقرأ" ليست بمعنى القراءة والكتابة فحسب ولكن قد تكون من ضمن مفردات هذه الكلمة، فإن كلمة "اقرأ" بمعنى استقرأ أي افهم أدرِك استوعب، " تقرأ الأحداث" ليس معناها أن تقرأ الجريدة أو الصحيفة إنما القصد أن تفهمها وأن تفقهها وتدركها وأن تتفكر وتتدبر فلو كانت كلمة اقرأ بمعنى القراءة والكتابة فقط فكان جديرًا بالرسول عليه الصلاة والسلام أن يطيع الأمر مباشرةً ولكنه مات بعد 23 سنه من نزول "اقرأ باسم ربك الذي خلق" وهو لا يقرأ ولا يكتب؛ فإذا أردنا أن نهبط و ننخفض بمعنى كلمة اقرأ لمسألة فك الخط بأني أعرف الحروف المكتوبة من ألف وباء وجيم فإننا قد نكون نزلنا كثيراً فإن اقرأ تختلف حينما تكون بعين التفكر والتدبر وبناء النتائج على المقدمات والبحث في المناهج لترى ولتتعلم.
ولذلك الجاهليون فهموا هذه العبارة وبدأ العقل البشري يتنبأ لهذا المعنى فكان العرب في ذلك الزمان يستهزئون من الشعر الجاهلي مع الأخذ بعين الاعتبار أن شعرهم يحتوي على كلمات قوية ومصطلحات تصف أعاجيب الزمان ولكن كان يمكن تلخيص الشعر كاملًا في بيت شعر واحد وما يسمى "ببيت القصيد" فنرى فيه آفاقًا وإبداعًا في الفكر والاستقراء والاستيعاب في القراءة.
عند العرب كان هناك جاهلية وعند العجم كان هناك ظلام كما الحال في العصور الوسطى في أوروبا كانت تسمى عصور الظلام وكانت العتمة هنا وهناك وفي وسط هذه العتمة ظهر منهج يقول للناس ابحث وفكر واقرأ واستقرأ، هذا الكلام أحدث زلزالًا في العقل العربي لأن هذا الزلزال حوّل العقل إلى ضرورة أن يفكر، وهنا نلاحظ شيئًا في غاية الخطورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوحيت إليه كلمة اقرأ قبل أن يعلم أنه نبي أو رسول وإنما جاءه الملَك جبريل عليه السلام يقول له: اقرأ، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ما أنا بقارئ بمعنى "بعرفش اقرأ" فكان المعنى من جبريل عليه السلام بكلمة اقرأ أنه يقول له ليست القراءة بالمعنى الذي تبادر إلى ذهنك وإنما القراءة بمعنى المنهج العقلي في التفكير.
"اقرا باسم ربك الذي خلق" من هو ربك؟ هو الذي خلق
ما هي صفات خلقه؟ خلق الانسان من علق... إلى نهايه السورة
فعندما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات والآيات لم يكن يعلم بعد بأنه نبي أو رسول وإنما بعد أن نزل إلزامه ودعوته إلى أن عقليته لابد ان تكون العقلية العلمية التي تستنبط وتدرس قيل له يا محمد أنا جبريل وأنت رسول الله فإن العظمة ليس بأن يوحى إليك بل بأن يتحول ويتغير عقلك إلى منهج التفكير العقلي ثم قيل له أنك رسول الله.
الآن وقد فهمنا معنى القراءة وعلاقة القراءة بالإسلام ولماذا أمرنا الله بالقراءة أولا،فقد سهّل على العقل أن يستوعب ما هو آت من بناء للفهم والاستيعاب والتفكر بمناهج التفكير العلمي والعقلي والنفسي لقوله تعالى في آيات كثيرة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ويعقلون ويسمعون ويتدبرون.......
فأصبح القرآن الكريم كأنه يستفز الانسان المسلم الذي لا يستخدم عقله ويصلي ويصوم ويتعبد ويقوم بالأذكار والتسبيح والعبادة الخالصه لله ولا يفهم معنى القراءة والاستقراء والبحث والاستيعاب والإدراك والفهم من كلمة اقرأ.
ولا يكتفي بذلك ويستبدل القراءه بالسماع إلى الفيديوهات والاكتفاء بسماع القرآن بدلًا من قراءته،
فإن القراءة تختلف عندما تنظر بعينيك إلى الكلام وتقرأه وتبدأ بتحليل ما تقرأه وتستوعب الكلام المكتوب وتبدأ بالتفكير والاستنباط والاستقراء من خلال القراءة.
والله لو كان هذا هو المقصود من سبب خلقك واستخلافك في الأرض لكانت الملائكة أولى منك فهم لا يملون و لا يفترون يعني ما بيزهقوش من الذكر ويطيعون الله في كل أمر يأمرهم به،
وهم وقّافون على هذا فهم يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا،
ربنا وسعت كل شيء رحمه وعلمًا فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبلك وقهم عذاب الجحيم،
لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون.
وإنما الانسان خُلق لأغراض عبادية ولكن ليست كالتي للملائكة لأنها ليست مُخيرة
لا تحتاج أن تفكر كما الانسان أي لا تحتاج بأن تفكر بالشجرة ماذا تنبت؟ وكيف تنبت؟ وما هو ثمرها؟
إنما الانسان هو الذي يفكر تفكيرًا دقيقًا وهو مكلف بهذا فيجب عليه ان يفكر كيف يعيش حياته وهو يفكر ويعقل ويسمع،
ولذلك يجب علينا أن نقف عند القراءة بتفكر وتدبر واستيعاب وفهم فإن الرسول قد بُعث ليعلم الناس أمرين ليس أمرًا واحدًا,
يقول تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ.
ما الذي يجعلنا كمسلمين نتمسك في النصوص المنقولة في هذا الجيل فقط،!!
إنما أئمة المسلمين كانوا أصحاب نظر ورؤية وحكمة وتدبر، وهذا لأنه عندما نقرأ لا نفهم ولا نستوعب ولا نقف ولا نتدبر وإنما نقرأ لغاية أن ننتهي من هذه القراءة من أجل علامة في الجامعة أو المدرسة أو المنهاج الذي فهمناه من التعلم أن درجه فهمك هي رقم هي علامة هي شهادة فمن يقرأ ويحفظ ما تم قراءته ينجح للأسف.
إن هذه ليس قراءة وإنما هي تلقين خاطئ لعمل منهجية لابقاء الأجيال خارج نطاق التفكر والاستيعاب والفهم والبقاء في ظلمات الجهل وإتّباع سبل الراحة في التعلم كالفيديوهات والبودكاست والأمور التي يمكنك أن تتبعها من أجل حجه التعليم والاكتفاء بهذه الأساليب من التلقين والابتعاد عن منهج القراءة والتفكر والاستيعاب والتدبر بما تقرأه وتفهمه.
والى هنا نقول سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
إن اخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وإن أصبت فمن الله وفضله وعلمه ولا تنسوا الدعاء لإخواننا في غزه الحبيبة وللمجاهدين المرابطين أولياء الله الصالحين في كل مكان جعلنا وإياكم منهم.
سأقوم بنشر الموضوع الثاني قريبًا إن شاء الله تحت عنوان "تطبيق القراءة في الحياة الواقعية وأسباب عدم القراءة والمؤثرات التي أدت إلى ذلك".
التعديل الأخير بواسطة المشرف: